فصل: قال الفخر:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن ابن عباس، في قوله: {أَرْجِهْ} قال: أخره.
وأخرج عبد بن حميد، عن قتادة، قال: احبسه وأخاه.
وأخرج ابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن ابن عباس من طرق في قوله: {وَأَرْسِلْ في المدائن حاشرين} قال: الشُّرَط.
وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عنه، في قوله: {وَجَاء السحرة} قال: كانوا سبعين رجلًا أصبحوا سحرة، وأمسوا شهداء.
وقد اختلفت كلمة السلف في عددهم؛ فقيل: كانوا سبعين كما قال ابن عباس.
وقيل كانوا اثني عشر.
وقيل: خمسة عشر ألفًا.
وقيل: سبعة عشر ألفًا.
وقيل: تسعة عشر ألفًا.
وقيل: ثلاثين ألفًا.
وقيل: سبعين ألفًا.
وقيل: ثمانين ألفًا.
وقيل ثلثمائة ألف.
وقيل تسعمائة ألف.
وأخرج عبد بن حميد، وابن أبي حاتم، عن قتادة، في قوله: {إِنَّ لَنَا لأَجْرًا} أي عطاء.
وأخرج ابن جرير، عن ابن عباس، في قوله: {فَلَمَّا أَلْقُوْاْ} قال: ألقوا حبالًا غلاظًا وخشبًا طوالًا، فأقبلت يخيل إليه من سحرهم أنها تسعى.
وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن السديّ قال: ألقى موسى عصاه فأكلت كل حية لهم، فلما رأوا ذلك سجدوا.
وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن قتادة، نحوه.
وأخرج ابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن المنذر عن مجاهد، في قوله: {تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ} قال: ما يكذبون.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ عن الحسن في قوله: {تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ} قال: تسترط حبالهم وعصيهم.
وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن ابن مسعود، وناس من الصحابة قال: التقى موسى وأمير السحرة، فقال له موسى: أرأيتك إن غلبتك أتؤمن بي؟ وتشهد أن ما جئت به حق؟ فقال الساحر: لآتينّ غدًا بسحر لا يغلبه سحر.
فو الله لئن غلبتني لأمننّ بك، ولأشهدنّ أنه حق، وفرعون ينظر إليهما وهو قول فرعون {إِنَّ هذا لَمَكْرٌ مَّكَرْتُمُوهُ في المدينة} [الأعراف: 123].
وأخرج ابن أبي حاتم، عن الأوزاعي قال: لما خرّ السحرة سجدًا رفعت لهم الجنة حتى نظروا إليها. اهـ.

.فوائد لغوية وإعرابية:

قال ابن عادل:
قوله: {فَغَلِبُوا هُنالِكَ} يجوزُ أن يكون مكانًا، أي: غُلِبُوا في المكانِ الذي وقع فيه سحرهم، وهذا هو الظَّاهِرُ.
وقيل: يجوزُ أن يكون زمانًا، وهذا ليس أصْلُهُ، وقد أثبت لَهُ بعضهم هذا المعنى بقوله تعالى: {هُنَالِكَ ابتلي المؤمنون} [الأحزاب: 11].
ويقول الآخر: [الكامل]
-.................... ** فَهُنَاكَ يَعْترفُونَ أيْنَ المَفْزَعُ؟

ولا حُجَّةَ فيهما، لأنَّ المكانَ فيهما واضحٌ.
قوله: {وانقلبُوا صاغرينَ} أي: ذليلين مقهورين.
وصاغرين حالٌ من فاعل انقلبُوا والضميرُ في انقلبُوا يجوزُ أن يعودَ على قوم فرعون وعلى السَّحرةِ، إذا جعلنا الانقلابِ قبل إيمان السحرةِ، أو جعلنا انقلبُوا بمعنى: صاروا، كما فسَّره الزمخشريُّ، أي: صاروا أذلاَّءَ مبهوتين مُتَحَيِّرين.
ويجوز أن يعودَ عليهم دُونَ السَّحرةِ إذا كان ذلك بعد إيمانهم، ولم يجعلْ انْقلبُوا بمعنى: صاروا: لأنَّ اللا لا يَصِفُهُم بالصَّغَارِ بعد إيمانهم.
قوله: {وَأُلْقِيَ السحرة سَاجِدِينَ}.
قال مقاتل: ألْقاهُمُ اللَّهُ.
وقيل: ألهمهم اللَّهُ أنْ يسجدُوا فَسَجَدُوا.
قال الأخفشُ: من سرعة ما سَجدُوا كأنَّهم ألقوا.
ف {ساجدين} حال من السَّحرة، وكذلك قالوا أي ألقوا ساجدين قائلين ذلك، ويجوزُ أن يكُون حالًا من الضَّمير المستتر في ساجدينَ.
وعلى كلا القولين هُمْ متلبِّسُون بالسُّجُودِ للَّهِ تعالى.
ويجوزُ أن يكون مستأنفًا لا محلَّ له، وجعله أبُو البقاءِ حالًا من فاعل {انْقَلَبُوا}، فإنَّهُ قال: يجوزُ أن يكُون حالًا، أي: فانْقَلَبُوا صاغرين.
قالوا وهذا ليس بجيِّد للفصل بقوله: {وَألقى السَّحرةُ}.
قوله: {قالوا آمَنَّا بِرَبِّ العالمين}.
قال المفسِّرونَ: لما قالوا: {قالوا آمَنَّا بِرَبِّ العالمين} قال فِرعونُ: إيّايَ تعنُون؛ فقالوا: {رَبِّ موسى وَهَارُونَ}، ف: {ربِّ مُوسَى} يجوز أن يكون نعتًا لـ: {ربِّ العالمينَ}، وأن يكون بدلًا، وأنْ يكون عطف بيان.
وفائدُ ذلك: نَفْيُ تَوَهُّم من يتوهَّمُ أنَّ رب العالمينَ قد يطلق على غير اللَّه تعالى، لقول فرعونَ {أَنَاْ رَبُّكُمُ الأعلى} [النازعات: 24] وقدَّمُوا مُوسَى في الذِّكْرِ على هَارُونَ وإن كان هارون أسَنَّ منه، لكبره في في الرُّتْبَةِ، أو لأنَّهُ وقع فاصِلة هنا.
ولذلك قال في سورة طه: {بِرَبِّ هَارُونَ وموسى} [طه: 70] لوقوع موسى فاصلةً، أو تكون كل طائفة منهم قالت إحدى المقالتين، فنسبَ فعل البعض إلى المجمُوعِ في سورةٍ، وفعل بعضهم الآخر إلى المجمُوعِ في أخرى. اهـ.

.من لطائف وفوائد المفسرين:

من لطائف القشيري في الآيات:
قال عليه الرحمة:
{وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ (117) فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (118) فَغُلِبُوا هُنَالِكَ وَانْقَلَبُوا صَاغِرِينَ (119) وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ (120) قَالُوا آَمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ (121) رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ (122)}.
مَوَّهُوا بسحرهم أنهم غَلَبُوا، فَأَدْخَل الله سبحانه على تمويهاتهم قهرَ الحق، وطاشت تلك الحِيَلُ، وخاب منهم الأمل، وجذب الحقُّ سبحانه أسرارهم على الوهلة فأصبحوا في صدر العداوة، وكانوا- في التحقيق- من أهل الود. فسبحان مَنْ يُبْرِز العدوَّ في نعت الولي؛ ثم يقلب الكتابَ ويُظْهِرُ الوليَّ في نعت العدو، ثم يأبى الحلُ إلا حصولَ المَقْضِيِّ. اهـ.

.تفسير الآيات (123- 124):

قوله تعالى: {قَالَ فِرْعَوْنُ آَمَنْتُمْ بِهِ قَبْلَ أَنْ آَذَنَ لَكُمْ إِنَّ هَذَا لَمَكْرٌ مَكَرْتُمُوهُ فِي الْمَدِينَةِ لِتُخْرِجُوا مِنْهَا أَهْلَهَا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (123) لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَافٍ ثُمَّ لَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ (124)}

.مناسبة الآيتين لما قبلهما:

قال البقاعي:
ولما صرحوا بالذي آمنوا به تصريحًا منع فرعون أن يدلس معه بما يخيل به على قومه، شرع في تهديدهم على وجه يمكر فيه بقومه ويلبس عليهم إيقافًا لهم عن المبادرة إلى الإيمان- كما بادر السحرة- إلى وقت ما، فاستأنف الخبر عنه سبحانه بقوله مصرحًا باسمه غير مضمر له كما في في غير هذه السورة لأن مقصود السورة الإنذار، وهو أحسن الناس بالمناداة عليه في ذلك المقام، وقصته مسوفة لبيان فسق الأكثر، وهو أفسق أهل ذلك العصر: {قال فرعون} منكرًا عليهم موبخًا لهم بقوله: {آمنتم} أي صدقتم {به} أي بموسى تصديقًا آمنه من رجوعكم عنه، ومن أخبر أراد الاستفهام، وأوهم فرعون من فهم عنهم من القبط إرادة الإيمان لأجل ما رأوا من دلائل صدق موسى عليه السلام واقتداء بالسحرة بقوله: {قبل أن آذن لكم} ليوقفهم من خطر المخالفة له بما رجاهم فيه من إذنه، فلما ظن أنهم وقفوا خيلهم بما يذهب عنهم ذلك الخاطر أصلًا ورأسًا بقوله مؤكدًا نفيًا لما على قوله من لواتح الكذب: {إن هذا لمكر} أي عظيم جدًّا، وطول الكلام تبيينًا لما أرادوا وتنسية لخاطر الإيمان فقال: {مكرتموه في المدينة} أي على ميعاد بينكم وبين موسى، وحيلة احتلتموها قبل اجتماعكم، وليس إيمانكم لأن صدقه ظهر لكم؛ ثم علل بما يتعلق به فكرهم وتشوش قلوبهم فقال: {لتخرجوا} أي أنتم وموسى عليه السلام {منها أهلها} وتسكنوها أنتم وبنو إسرائيل.
ولما استتب له ما أراد من دقيق المكر، شرع في تهديدهم بما يمنع غيرهم وربما ردهم، فقال مسببًا عن ذلك: {فسوف تعلمون} أي بوعد لا خلف فيه ما أفعل بكم من عذاب لا يحتمل، ثم فسر ما أجمل من هذا الوعيد بقوله: {لأقطعن أيديكم} أي اليمنى مثلًا {وأرجلكم} أي اليسرى، ولذلك فسره بقوله: {من خلاف} أي يخالف الطرف- الذي تقطع منه اليد- الطرف الذي تقطع منه الرجل.
ولما كان مقصود هذه السورة الإنذار، فذكر فيها ما وقع لموسى عليه السلام والسحرة على وجه يهول ذكر ما كان من أمر فرعون على وجه يقرب من ذلك، فعبر بحرف التراخي لأن فيه- مع الإطناب الذييكون شاغلًا لأصحابه عما أدهشهم مما رأوه- تعظيمًا لأمر الصلب.
فيكون أرهب للسحرة ولمن تزلزل بهم من قومه فقال: {ثم لأصلبنكم} أي أعلقنكم ممدودة أيديكم لتصيروا على هيئة الصليب، أو حتى يتقاطر صليبكم وهو الدهن الذي فيكم {أجمعين} أي لا أترك منكم أحدًا لأجعلكم نكالًا لغيركم. اهـ.

.من أقوال المفسرين:

.قال الفخر:

{قَالَ فِرْعَوْنُ آَمَنْتُمْ بِهِ قَبْلَ أَنْ آَذَنَ لَكُمْ إِنَّ هَذَا لَمَكْرٌ مَكَرْتُمُوهُ فِي الْمَدِينَةِ لِتُخْرِجُوا مِنْهَا أَهْلَهَا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (123) لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَافٍ ثُمَّ لَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ (124)}.
في الآية مسائل:
المسألة الأولى:
قرأ عاصم في رواية حفص {أَمِنتُمْ} بهمزة واحدة على لفظ الخبر وكذلك في طه والشعراء وقرأ عاصم في رواية أبي بكر وحمزة والكسائي {أَأَمِنتُمْ} بهمزتين في جميع القرآن وقرأ الباقون بهمزة واحدة ممدودة في جميع على الاستفهام.
قال الفراء: أما قراءة حفص {أَمِنتُمْ} بلفظ الخبر من غير مد، فالوجه فيها أنه يخبرهم بإيمانهم على وجه التقريع لهم والإنكار عليهم، وأما القراءة بالهمزتين فأصله {أَأَمِنتُمْ} على وزن أفعلتم.
المسألة الثانية:
اعلم أن فرعون لما رأى أن أعلم الناس بالسحر أقر بنبوة موسى عليه السلام عند اجتماع الخلق العظيم خاف أن يصير ذلك حجة قوية عند قومه على صحة نبوة موسى عليه السلام فألقى في الحال نوعين من الشبهة إلى إسماع العوام، لتصير تلك الشبهة مانعة للقوم من اعتقاد صحة نبوة موسى عليه السلام.
فالشبهة الأولى: قوله: {إِنَّ هذا لَمَكْرٌ مَّكَرْتُمُوهُ في المدينة} والمعنى: أن إيمان هؤلاء بموسى عليه السلام ليس لقوة الدليل، بل لأجل أنهم تواطئوا مع موسى أنه إذا كان كذا وكذا فنحن نؤمن بك ونقر بنبوتك، فهذا الإيمان إنما حصل بهذا الطريق.
والشبهة الثانية: أن غرض موسى والسحرة فيما تواطئوا عليه إخراج القوم من المدينة وإبطال ملكهم، ومعلوم عند جميع العقلاء أن مفارقة الوطن والنعمة المألوفة من أصعب الأمور فجمع فرعون اللعين بين الشبهتين اللتين لا يوجد أقوى منهما في هذا الباب.